[center]الفصل الرابع
أحكام المسجد
تنقسم أحكام المسجد الى ثلاثة أقسام :
أحكام واجبة .
أحكام مستحبة .
أحكام مكروهة .
ولابد من الحديث عن كل قسم من الأقسام المذكورة :
أ- الأحكام الواجبة والمحرمة للمسجد
دخول المسجد على غير جنابة ولاحيض ، الا بنحو المرور ، ويستثنى من جواز المرور المسجد الحرام ومسجد الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ، حيث يحرم المرور فيهما بالنسبة للجنب والحائض.
قال الله عزوجل في كتابه الكريم :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا }. [النساء : 43]
وورد بالسند الصحيح عن جميل بن درّاج قال :
(( سألت أبا عبد الله (ع) عن الجنب يدخل في المساجد ؟ فقال (ع) : لا ، ولكن يمر فيها كلها إلا المسجد الحرام ومسجد الرسول (ص))). وسائل الشيعة ج2 ص 205 ح1932
لايجوز وضع شيئ في المسجد بالنسبة للجنب والحائض ، ولكن يمكنهما أخذ شيئ من المساجد بإستثناء الحرمين الشريفين.
ففي الخبر الصحيح عن زرارة ومحمد بن مسلم عن الإمام الباقر عليه الصلاة والسلام ، قالا :
(( قلنا له : الحائض والجنب يدخلان المسجد أم لا ؟ قال (ع) : الحائض والجنب لايدخلان المسجد إلا مجتازين ، إن الله تبارك وتعالى يقول : {وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} ويأخذان من المسجد ، ولايضعان فيه شيئاً)). علل الشرايع ص 288 ، وسائل الشيعة ج2 ص 213 ح1958
ويلحق بالمساجد المشاهد المشرفة على الأحوط – وجوباً - .
يحرم تنجيس المساجد ، وإذا تنجس يجب تطهيره على الفور ، وقد إجمع عليه فقهاء الطائفة، وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : (( جنبوا مساجدكم النجاسة )). العروة الوثقى ج1 ص 598 ، الحدائق الناضرة ج 7 ص 277 ، وسائل الشيعة ج3 ص 504 ح 6411.
لايجوز بيع آلات المساجد ومايتبعه التي وقفت له ، إذا أمكن الإستفادة منها لشئونه، كما أن الأصل عدم جواز بيعه الا في بعض الموارد التي لايسع هذا المختصر لتفصيلها. العروة الوثقى ج1 ص 598.
يحرم زخرفة المسجد وتزيينه بالذهب على الأحوط – وجوباً-، والأحوط –وجوباً- عدم نقشه بالصور. العروة الوثقى ج1 ص 598.
يجب إحترام المسجد وتحرم إهانته بأي نحو كان، ويدل عليه عدة أمور منها مادل على لزوم تعظيم الشعائر ، وعلى هذا فلو كان أسلوب الكلام في المسجد أو غيره من التصرفات يتنافى مع إحترام المسجد ويوجب إهانته ، فهو حرام ، ويجب النهي ، لما دل على لزوم النهي عن المنكر. العروة الوثقى ج1 ص 598.
ب- الأحكام المستحبة للمسجد
الآداب المستحبة في المساجد كثيرة ، ومنها :
الإبتداء بالصلاة على النبي (ص) وآله عند الدخول ، والصلاة عليهم عند الخروج ، ففي الخبر الصحيح عن الإمام الصادق عليه الصلاة والسلام قال: (( إذا دخلت المسجد فصل على النبي (ص) ، وإذا خرجت فافعل ذلك)). وسائل الشيعة ج3 ص 517 ح 6458.
الدعاء عند الدخول والخروج ، فقد وروي : إذا دخلت المسجد فقل :
بسم الله وبالله ، والسلام على رسول الله (ص) إن الله وملائكته يصلون على محمد وآل محمد ، والسلام عليهم ورحمة الله وبركاته ، رب إغفر لي ذنوبي ، وإفتح لي أبواب فضلك.
وإذا خرجت فقل مثل ذلك. وسائل الشيعة ج3 ص 516 ح 6454.
ورى شيخ الطائفة الطوسي في أماليه بسنده عن عبدالله بن الحسن ، عن أمه فاطمة ، عن جدته فاطمة عليها الصلاة والسلام قالت :
كان رسول الله (ص) إذا دخل المسجد صلى على النبي وقال :
اللهم إغفر لي ذنوبي وإفتح لي أبواب رحمتك .
فإذا خرج من الباب صلى على النبي (ص) وقال :
اللهم إغفر لي ذنوبي وإفتح لي أبواب فضلك.
تقديم الرجل اليمنى عند الدخول ، واليسرى عند الخروج ، فقد روى يونس بن عبد الرحمن عنهم عليهم الصلاة والسلام : (( الفضل في دخول المسجد أن تبدأ برجلك اليمنى إذا دخلت ، وباليسرى إذا خرجت )). وسائل الشيعة ج3 باب 40 من أبواب أحكام المساجد ص 517 ح 6459.
تحية المسجد ، وهي عبارة عن أن يصلي ركعتين مثل صلاة الصبح عندما يدخل المسجد ، فقد روى الشيخ الصدوق (رض) بسنده عن أبي ذر الغفاري (رض) قال: ((دخلت على رسول الله (ص) وهو في المسجد جالس فقال لي: يا أباذر ، إن للمسجد تحية. قلت : وماتحيته ؟ قال :ركعتان تركعهما..)). وسائل الشيعة ج3 ص 518 ح6462.
الدخول على طهارة ، فقد روي عن الإمام الباقر (ع) أنه قال :
(( إذا دخلت المسجد وأنت تريد أن تجلس فلا تدخله إلا طاهراً ، وإذا دخلته فإستقبل القبلة، ثم إدع الله ، وسلهُ ، وسمِّ حين تدخله ، وإحمد الله وصل على النبي (ص))). وسائل الشيعة ج3 ص 516 ح6454.
كنس وتنظيف المسجد ، لاسيما ليلة الجمعة ، فقد روي عن الإمام الكاظم (ع) أنه قال : (( قال رسول الله (ص) : من كنس المسجد يوم الخميس ليلة الجمعة فأخرج منه من التراب مايُذَّرُ في العين غفر الله له)). وسائل الشيعة ج3 ص 511 ح6437.
وروى الشيخ الصدوق (قده) بسنده عن الإمام الصادق (ع) ، عن آبائه (ع) : ((أنّ رسول الله (ص) قال : من قمًّ مسجداً كتب الله له عِتقَ رقبة ، ومن أخرج منع ما يُقذي عيناً كتب الله عزوجل له كِفليْنِ من رحمته)). وسائل الشيعة ج3 ص 511 ح6438.
التطيب ولباس الثياب الفاخرة عند قصد المسجد والدعاء فيه ، ويدل عليه عموم مادل على إستحباب تعظيم الشعائر ، وروى ثقة الإسلام الكليني (قده) بسنده عن الإمام الصادق (ع) قال :
(( إنّ علي بن الحسين (ع) إستقبله مولى له في ليلة باردة وعليه جبة خز ، ومطرف خزّ وعمامة خزّ ، وهو متغلف بالغالية، فقال له : جُعلت فداك ، في مثل هذه الساعة على هذه الهيئة إلى أين ؟ قال : فقال : الى مسجد جدي رسول الله (ص) أخطب الحور العين إلى الله عز وجل)). الخز : نوع من الثياب الفاخر ، والمطرف : هو الرداء ، والغالية : نوع من الطيب ، المصدر : وسائل الشيعة ج3 ص 503 ح 6408.
تعدد الصلاة في بقاع المسجد المختلفة ، فقد روى الشيخ الصدوق بإسناده عن الإمام الصادق عليه الصلاة والسلام أنه قال :
(( عليكم بإتيان المساجد فإنها بيوت الله في الأرض ، ومن أتاها متطهراً طهرّه الله من ذنوبه وكُتِبَ من زُواره ، فأكثروا فيها من الصلاة والدعاء ، وصلّوا من المساجد في بقاع مختلفة ، فإن كل بقعة تشهد للمصلي عليها يوم القيامة)). الحدائق الناضرة ج7 ص 276.
ج- المكروهات في المساجد
من المكروهات في المساجد الأمور التالية :
البيع والشراء داخل المسجد ، فقد روي عن الإمام الصادق عليه الصلاة والسلام أنه قال:
(( جنبوا مساجدكم البيع والشِراءَ 1والمجانينَ والصبيان والضالة والحدود ورفع الصوت )). وسائل الشيعة ج3 ص 507 ح6420.
وروي عن الإمام الكاظم (ع) أنه قال : قال رسول الله (ص) :
(( جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم وشراءكم وبيعكم )). وسائل الشيعة ج3 ص 507 ح6421.
أن لايخرج من المسجد عند سماع الأذان قبل أن يصلي ، إلا إذا كان أراد يخرج ويريد العودة اليه ، ففي الخبر المعتبر عن الإمام الصادق (ع) ، عن آبائه عليهم السلام ، قال : قال النبي (ص) :
(( من سَمِعَ النداء في المسجد فخرج من غير علةٍ فهو منافق ، إلا أن يُريد الرجوع إليه)). وسائل الشيعة ج3 ص 513 ح6456.
وورد بالسند الصحيح عن الإمام الصادق (ع) قال :
(( إذا صليت صلاة وأنت في المسجد وأقيمت الصلاة ، فإن شئت فأخرج ، وإن شئت فصل معهم ، وإجعلها تسبيحاً )). وسائل الشيعة ج3 ص 514 ح6457.
خذف الحصا ، أي رميه بمضرب من الخشب أو بغيره ، فقد ورد بالإسناد المعتبر عن الإمام الصادق (ع) عن آبائه (ع) :
(( أن النبي (ص) بصر رجلاً يخذف بحصاة في المسجد فقال : مازالت تلعن حتى وصلت ، ثم قال : الخذف في النادي من أخلاق قوم لوط ..)). وسائل الشيعة ج3 ص 514 ح6449.
رفع الصوت ، ويدل عليه بعض ما تقدم من الروايات ، وإنما المقصود من رفع الصوت الذي يكون في غير محله مما يشكل إزعاجاً ويخرج عن الأغراض العقلائية.
أخذ الصبيان والأطفال الصغار بالطريقة التي توجب إزعاج المصلين ، نعم لا بأس بأخذهم لأجل تربيتهم مع السعي لإبعاد إزعاجهم عن المصلين ، ولن على ذلك بعض الروايات التي تقدمت.
اللغو والخوض بالكلام الذي لا منفعة فيه ، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال :
(( يا أباذر ، الكلمة الطيبة صدقة ، وكل خطوة تخطوها الى الصلاة صدقة ، يا أباذر، من أجاب داعي الله وأحسن عمارة مساجد الله كان ثوابه من الله الجنة ، فقلت : كيف يَعمر مساجد الله ؟ قال (ص) : لا تُرفع الأصوات فيها ، ولا يُخاض فيها بالباطل ، ولا يُشترى فيها ولا يُباع ، وإترك اللغو مادمت فيها ، فإن لم تفعل ، فلا تلومن يوم القيامة إلا نفسك)). وسائل الشيعة ج3 ص 507 ح6422.[/center]