فاطمة الزهراء في القرآن
إنّ فاطمة أبرز مصداق (للصالحين) في القرآن (1)
1- روى الشيخ الطوسي رحمه الله في كتاب (مصباح الأنوار) بإسناده عن أنس قال: صلّى بنا رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم في بعض الأيّام صلاة الفجر ثمّ أقبل علينا بوجهه الكريم فقلت له: يا رسول اللَّه! أرأيت أن تفسّر لنا قوله تعالى: (فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَبِيِّينَ وَالصِّدّيقِيَن وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَ حَسُنَ اُولئِكَ رَفِيقاً) النساء: 69. فقال صلى الله عليه و آله و سلم: أمّا النبيّون؛ فأنا، و أمّا الصدّيقون؛ فأخى عليّ عليه السلام، و أمّا الشهداء؛ فعمّي حمزة، و أمّا الصالحون؛ فابنتي فاطمة و أولادها الحسن والحسين عليهم السلام، الخبر.
إنّ فاطمة أبرز مصداق ل (الصادقين) في القرآن
2- تفسير أبي يوسف، يعقوب بن سفيان، عن مالك بن أنس، عن نافع، عن ابن عمر قال: (يَا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتّقُوا اللَّهَ) التوبة: 119.
قال: أمر اللَّه الصحابة أن يخافوا اللَّه ثمّ قال: (وَ كُونُوا مَعَ الصّادِقِينَ) يعني مع محمّد و أهل بيته عليهم السلام.
3- جماعة بإسنادهم، عن جابر بن عبد الله الأنصاري في قوله تعالى: (وَ كُونُوا مَعَ الصّادِقِينَ).
قال: مع محمّد و أهل بيته عليهم السلام.
4- قال السيّد ابن طاووس قدس سره: رأيت في تفسير منسوب إلى الباقر عليه السلام في قوله تعالى: (وَ كُونُوا مَعَ الصّادِقِينَ) التوبة: 119. يقول: كونوا مع عليّ بن أبي طالب و آل محمّد صلوات اللَّه عليهم.
قال اللَّه تعالى: (مِنَ المُؤْمِنينَ رِجالٌ صَدَقُوا مَا عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ) و هو حمزة بن عبدا لمطلب عليه السلام (وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِر) و هو عليّ بن أبي طالب عليه السلام، يقول اللَّه: (وَ ما بَدَّلُوا تَبْديلاً)
و قال اللَّه: (اتَّقُوا اللَّهَ وَ كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) و هم هاهنا آل محمّد عليهم السلام. الأحزاب: 23.
أقول: ثمّ ذكر العلّامة ألمجلسي رحمه الله كلام المحقّق الطوسي في كتاب (التجريد) و كلام إمام الرّازي في ذلك، فراجع (البحار).
5- بإسناد أخي دعبل، عن الرضا، عن آبائه، عن عليّ صلوات اللَّه عليهم في قوله تعالى: (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَ كَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ) الزمر: 32.
قال: الصّدق ولايتنا أهل البيت.
إنّ فاطمة أبرز مصداق (الأبرار و المقرّبين) في القرآن
1- محمّد بن الحسن بن إبراهيم معنعناً، عن جعفر عليه السلام قال: نزلت الآيات: (كَلاّ إِنَّ كِتَابَ الاَبْرَارِ لَفِي عِلّيّينَ- وَ مَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيّون) إلى قوله: (المُقَرَّبُونَ)(المطففين: 18- 21 . و هي خمس آيات في النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم و علي و فاطمة والحسن والحسين عليهم الصلاة والسلام) .
2- تفسير أبي صالح، قال ابن عبّاس في قوله تعالى: (إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيم- عَلَى الأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ) إلى قوله: (المُقَرّبُونَ) المطففين: 22- 28. نزلت في عليّ و فاطمة والحسن والحسين و حمزة و جعفر عليهم السلام و فضلهم فيها باهر.
3- الباقر عليه السلام في قوله تعالى: (كَلّا إِنَّ كِتَابَ الأَبْرارِ) إلى قوله: (المُقَرَّبُونَ) هو رسول اللَّه و علي و فاطمة والحسن والحسين عليهم السلام.
بن إبراهيم، عن علوان بن محمّد، عن محمّد بن معروف، عن السّدي، عن الكلبي، عن جعفر بن محمّد عليهما السلام في قوله: (كَلّا إِنَّ كِتَابَ الفُجَّار لَفي سِجّين).
قال: هو فلان فلان، (وَ مَا أَدْراكَ ما سِجِّين) إلى قوله: (الَّذينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ) الأوّل و الثاني.
(وَ مَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيم- إذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الأولين) و هو الأوّل والثاني كانا يكذّبان رسول اللَّه... إلى قوله: (ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصالُوا الجَحِيمَ) هما، ثمّ يقال: (هذَا الَّذي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ)
(كَلّا إِنَّ كِتَابَ الأبْرارِ لَفِي عِلّيّين- وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلّيّونَ- كِتَابٌ مَرْقُوم- يَشْهَدُهُ المُقَرَّبُون).. إلى قوله: (عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا المُقَرَّبُونَ) و هو رسول اللَّه و أمير المؤمنين و فاطمة والحسن والحسين عليهم السلام.
(اِنَّ الّذينَ أَجْرَمُوا) الأوّل و الثّاني و من تابعهما (كَانُوا مِنَ الَّذينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ- وَ إِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ)
4- محمّد بن العبّاس، عن أحمد بن محمّد، عن أحمد بن الحسن، عن أبيه، عن الحسين بن مخارق، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر، عن أبيه، عليّ بن الحسين عليهم السلام، عن جابر بن عبدا لله رضى الله عنه، عن النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم قال: قوله عزّ و جلّ: (وَ مِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيم) المطففين: 27.
قال: هو أشرف شراب في الجنّة يشربه محمّد و آل محمّد عليهم السلام، و هم المقرّبون السّابقون: رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم و عليّ بن أبي طالب و الأئمّة و فاطمة و خديجة صلوات اللَّه عليهم، و ذرّيّتهم الّذين اتّبعوهم بإيمان يتسنّم عليهم من أعالي دورهم.
5- روي عنه عليه السلام أنّه قال: (تَسْنِيم) أشرف شراب في الجنّة يشربه محمّد و آل محمّد عليهم السلام صرفاً، و يمزج لأصحاب اليمين و لسائر أهل الجنّة.
6- الشيرازي في كتابه بالإسناد، عن الهذيل، عن مقاتل، عن محمّد بن الحنفيّة، عن الحسن بن عليّ عليهما السلام قال: كلّ ما في كتاب اللَّه عزّ و جلّ: (إِنَّ الأَبْرَارَ) فواللَّه؛ ما أراد به إلّا عليّ بن أبي طالب و فاطمة و أنا والحسين، لأنّا نحن أبرار بآبائنا و اُمّهاتنا، و قلوبنا علت بالطّاعات والبرّ، و تبرّأت من الدنيا و حبّها، و أطعنا اللَّه في جميع فرائضه، و آمنّا بوحدانيّته، و صدّقنا برسوله.
8- و قد روى الخاصّ و العامّ: إنّ الآيات في هذه السورة و هي قوله: (إِنَّ الأَبْرارَ يَشْرَبُونَ).. إلى قوله: (وَ كانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً)
إنّ سورة (هَلْ أَتى) في شأن فاطمة
1- أبو المؤيد موفّق بن أحمد، قال: أخبرني الشيخ الإمام الحافظ أبو منصور بن شيرويه بن شهردار الديلمي فيما كتب إليّ من همدان؛
قال: نزلت هذه الآية في عليّ بن أبي طالب و فاطمة عليها السلام ظلا صائمين حتّى إذا كان في الآخر النهار واقترب الإفطار قامت فاطمة عليها السلام إلى شي ء من الطحين كان عندها، فخبزته قرصاً له، و كان عندها نحى فيه شي ء من سمن فأدنت (إلى) القرص شيئاً من السمن ينتظران به إفطارهما، فأقبل مسكين رافعاً صوته ينادي: المسكين الجائع المحتاج، فهتف على بابهم.
فقال علي لفاطمة عليهما السلام: عندك شي ء تعطينه هذا المسكين الجائع المحتاج؟
قالت فاطمة عليها السلام: هيّأت قرصاً، و كان في النحى شي ء من سمن فجعلته فيه أنتظر به إفطارنا.
فقال عليّ عليه السلام: آثري بهذا، المسكين الجائع المحتاج.
فقامت فاطمة عليها السلام بالقرص مأدوماً، فدفعته إلى المسكين، فجعله المسكين في حضنه، فخرج من عندهما متوجّهاً يأكل من حضن نفسه.
فأقبلت امرأة معها صبيّ صغير ينادي: اليتيم المسكين الّذي لا أب له و لا اُمّ و لا أحد، فلمّا رأت المرأة- الّتي معها اليتيم- المسكين يأكل من حضن نفسه أقبلت باليتيم فقالت: يا عبد الله! أطعم هذا اليتيم المسكين ممّا أراك تأكل؟
فقال لها المسكين: لا لعمر اللَّه ما كنت لأطعمك من رزق ساقه اللَّه إليّ، ولكنّى أدّلك على من أطعمني.
فقالت: دلّني عليه.
فقال لها: أهل ذلك البيت الّذي ترين- و أشار إليه من بعيد- فإنّ في ذلك البيت رجلاً وامرأة اطعمانيه.
قالت المرأة: فإنّ الدالّ على الخير كفاعله، فأقبلت باليتيم حتّى وردت بباب عليّ و فاطمة عليهما السلام و نادت: يا أهل المنزل! أطعموا اليتيم المسكين الّذي لا أم له و لا أب، أطعموه من فضل ما رزقكم اللَّه.
فقال عليّ عليه السلام لفاطمة عليها السلام: عندك شي ء؟
قالت: فضل طحين عندي جعلتها حريرة و ليس عندنا شي ء غيره، و قد اقترب الإفطار.
فقال لها علي عليه السلام: آثري به هذا اليتيم، و ما عند الله خير و أبقى.
فقامت فاطمة عليها السلام بالقدر بما فيه ففكتها في حضن المرأة.
فخرجت المرأة تطعم الصبيّ اليتيم ممّا في حضنها. فلم تجر بعيداً حتّى أقبل أسير من اُسراء المشركين ينادي: الأسير الغريب الجائع.
فلمّا نظر الأسير إلى المرأة تطعم الصبيّ من حضنها، أقبل إليها و قال: يا أمة اللَّه! أطعميني ممّا أراك تطعمينه هذا الصبيّ؟
قالت المرأة للأسير: لا، لعمر اللَّه ما كنت لأطعمك من رزق رزقه اللَّه هذا اليتيم المسكين، ولكنّي أدلّك على من أطعمني كما دلّني عليه سائل قبلك.
قال لها الأسير: و إنّ الدالّ على الخير كفاعله.
قالت له: ائت أهل ذلك المنزل الّذي ترى، فإنّ فيه رجلاً وامرأة أطعما مسكيناً سائلاً قبل اليتيم.
فانطلق الأسير إلى باب عليّ و فاطمة عليهما السلام، فهتف بأعلى صوته: يا أهل المنزل! أطعموا الأسير الغريب المسكين من فضل ما رزقكم اللَّه تعالى.
فقال عليّ عليه السلام لفاطمة عليها السلام: أعندك شي ء؟
قالت: ما كان عندي طحين فأصبت فضل تميرات، فخلصتهن من النّواة و عصرت النحى فقطّرته على التميرات و دفعت ما كان عندي من فضل الأقطّ، فجعلته حيساً فما فضل عندنا شي ء نقطر عليه غيره.
فقال لها عليّ عليه السلام: آثري به الأسير الغريب المسكين.
فقامت فاطمة عليها السلام بذلك الحيس، و دفعته إلى الأسير، وباتا يتزوّدان فنزل في ذلك: (وَ يُطْعِمونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ) على شدّة شهوتهم له (مِسْكيناً) قرص له (وَ يَتيماً) حريرة (وَ أَسيراً) حيساً (إِنَّما نُطْعِمُكُمْ)
يخبر عن ضميرهما: (لِوَجْهِ اللَّهِ).
يقول: إرادة ما عنداللَّه من الثواب (لا نُريدُ مِنْكُمْ) في الدّنيا (جَزاءً) ثواباً (وَ لا شُكوراً).
يقول: ثناءً تثنون به علينا (إِنّا نَخافُ) يخبر عن ضميرهما (مِنْ رَبِّنا يَوْماً عَبوساً) قال: العبوس؛ يقبض مابين العينين من أهواله و خوفه ((قَمْطَريراً)) والقمطرير: الشديد، (فَوَقيهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ اليَوْمِ) يقول: خوف ذلك اليوم.
(وَ لقَّيهُمْ نَضْرَة) يقول: بهجات الجنّة (وَ سُروراً) يقول: ما يسرّهما من قرّة العين بالجنّة.
(وَ جَزاهُمْ بِما صَبَروا) يقول: و أثابهم بما صبروا أي: على الجوع حتّى آثروا بالطعام لإفطارهم المسكين واليتيم والأسير (جَنَّةً وَ حَريراً- مُتَّكِئينَ فيها عَلَى الأَرائِكِ)، الأسرة من موته (لا يَرَوْنَ فيها شَمْساً) يؤذيهم حرّها (وَ لا زَمْهَريراً) يقول: لا يؤذيهم برده (وَدانِية) قريبة (عَلَيْهِم ظِلالُها وَ ذُلِّلَتْ) يعني: قربت الثمار منهم (تَذْليلاً) يأكلونها قياماً و قعوداً (مُتَّكِئينَ) يعني: مستلقين على ظهورهم ليس القائم بأقدر عليها من القاعد و ليس القاعد، بأقدر عليها من المتّكئ بأقدر عليها من المستلقي.
(وَ يَطوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ) قالوا: مسوّرون بأسورة الذهب والفضّة، و يقال: مخلّدون لم يذوقوا طعم الموت قطّ، إنّما خلقوا لأهل الجنّة (إِذا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ) من بياضهم و حسنهم (لُؤْلُؤاً مَنْثوراً) لكثرتهم، فشبّه
بياضهم و حسنهم و شرفهم باللؤلؤ المنثور.
2- الطالقاني عن ألجلودي، عن الجوهري، عن شعيب بن واقد، عن القاسم بن بهرام، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عبّاس؛و حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد العزيز بن يحيى ألجلودي، عن الحسن بن مهران، عن مسلمة بن خالد، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه عليهما السلام في قوله عزّ و جلّ: (يُوفُونَ بِالنَذْرِ).
قالا: مرض الحسن والحسين عليهما السلام و هما صبيّان صغيران، فعادهما رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم و معه رجلان فقال أحدهما: يا أبا الحسن! لو نذرت في ابنيك نذراً أنّ اللَّه عافاهما.
فقال: أصوم ثلاثة أيّام شكراً للَّه عزّ و جلّ، و كذلك قالت فاطمة عليها السلام، و قال الصبيّان: و نحن أيضاً نصوم ثلاثة أيّام، و كذلك قالت جاريتهم فضّة.
فألبسهما اللَّه عافية، فأصبحوا صياماً و ليس عندهم طعام، فانطلق علي عليه السلام إلى جار له من اليهود يقال له: شمعون، يعالج الصوف، فقال: هل لك أن تعطيني جزّة من صوف تغزلها لك ابنة صلى الله عليه و آله و سلم محمّد بثلاثة اصوع من شعير؟
قال: نعم، فأعطاه فجاء بالصوف والشعير و أخبر فاطمة عليها السلام فقبلت و أطاعت، ثمّ عمدت فغزلت ثلاث المصوف، ثمّ أخذت صاعاً من الشعير فطحنته و عجنته و خبزت منه خمسة أقراص لكلّ واحد قرصاً.
و صلّى عليّ عليه السلام مع النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم المغرب، ثمّ أتى منزله، فوضع الخوان
و جلسوا خمستهم، فأوّل لقمة كسرها عليّ عليه السلام إذا مسكين قد وقف بالباب فقال: السلام عليكم يا أهل بيت محمّد صلى الله عليه و آله و سلم! أنا مسكين من مساكين المسلمين أطعموني ممّا تأكلون، أطعمكم اللَّه على موائد الجنّة.
فوضع اللقمة من يده، ثمّ قال: فاطم ذات المجد واليقين يا بنت خير النّاس أجمعين
أماترين البائس المسكين جاء إلى الباب له حنين
يشكو إلى اللَّه و يستكين يشكو إلينا جائعاً حزين
كلّ امرى ء بكسبه رهين من يفعل الخير يقف سمين
موعده في الجنّة دهين حرّمها اللَّه على الضنين
و صاحب البخل يقف حزين تهوى به النّار إلى سجّين
شرابه الحميم والغسلين
فأقبلت فاطمة عليهاالسلام تقول: أمرك سمع يابن عمّ! و طاعة مابي من لئوم و لارضاعة
غدّيت باللبّ والبراعة أرجو إذا اشبعت من مجاعة
أن ألحق الأخيار والجماعة وأدخل الجنّة في شفاعة
و عمدت إلى ما كان على الخوان، فدفعته إلى المسكين، وباتوا جياعاً، و أصبحوا صياماً لم يذوقوا إلّا الماء القراح. ثمّ عمدت إلى الثلث الثاني من الصوف فغزلته، ثمّ أخذت صاعاً من الشعير و طحنته و عجنته و خبزت منه خمسة أقرصة لكلّ واحد قرصاً.
و صلّى علي المغرب مع النبيّ صلّى اللَّه عليهما، ثمّ أتى منزله، فلمّا وضع الخوان بين يديه و جلسوا خمستهم، فأوّل لقمة كسرها عليّ عليه السلام إذا يتيم من يتامى المسلمين قد وقف بالباب، فقال: السلام عليكم يا أهل بيت محمّد صلى الله عليه و آله و سلم! أنا يتيم من يتامى المسلمين أطعموني ممّا تأكلون أطعمكم اللَّه على موائد الجنّة.
فوضع عليّ عليه السلام اللقمة من يده، ثمّ قال: فاطم بنت السيّد الكريم بنت نبيّ ليس بالزنيم قد جاءنا اللَّه بذا اليتيم من يرحم اليوم هو الرحيم موعده في الجنّة النعيم حرّمها اللَّه على اللئيم و صاحب البخل يقف ذميم تهوى به النّار إلى الجحيم شرابه الصديد والحميم فأقبلت فاطمة عليها السلام و هي تقول: فسوف أعطيه و لا أبالي و أوثر اللَّه على عيالي أمسوا جياعاً وهم أشبالي أصغرهم يقتل في القتال بكربلاء يقتل باغتيال لقاتليه الويل مع وبال يهوى به النّار إلى سفال كبوله زادت على الأكبال ثمّ عمدت فأعطته عليها السلام جميع ما على الخوان، و باتوا جياعاً لم يذوقوا إلّا الماء القراح، و أصبحوا صياماً، و عمدت فاطمة عليها السلام فغزلت الثلث الباقي من الصوف و طحنت الصاع الباقي، و عجنته و خبزت منه خمسة أقراص لكلّ واحد قرصاً.
و صلّى علي عليه السلام المغرب مع النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم، ثمّ أتى منزله فقرّب إليه الخوان و جلسوا خمستهم، فأوّل لقمة كسرها عليّ عليه السلام إذا أسير من اُسراء المشركين قد وقف بالباب، فقال: السلام عليكم يا أهل بيت محمّد صلى الله عليه و آله و سلم! تأسروننا و تشدّوننا و لا تطعموننا؟
فوضع عليّ عليه السلام اللقمة من يده، ثمّ قال: فاطم يا بنت النبيّ أحمد! بنت نبيّ سيّد مسوّد قد جائك الأسير ليس يهتدي مكبّلاً في غلّه مقيّد يشكو إلينا الجوع قد تقدّد من يطعم اليوم يجده في غد عند العليّ الواحد الموحّد ما يزرع الزارع سوف يحصد فأعطيه لا تجعليه ينكد
فأقبلت فاطمة عليها السلام و هي تقول: لم يبق ممّا كان غير صاع قد دبّرت كفّى مع الذراع شبلاي واللَّه؛ هما جياع يا رب! لا تتركهما ضياع أبوهما للخير ذو اصطناع عيل الذراعين طويل الباع و ما على رأسي من قناع إلّا عبا نسجتها بصاع و عمدوا إلى ما كان على الخوان، فأعطوه و باتوا جياعاً، و أصبحوا مفطرين و ليس عندهم شي ء.
و قال شعيب في حديثه: و أقبل علي بالحسن والحسين عليهم السلام نحو رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم، و هما يرتعشان كالفرخ من شدّة الجوع، فلمّا بصر بهم النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم قال: يا أبا الحسن! شدّ ما يسوؤني ما أرى بكم؟! انطلق إلى ابنتي فاطمة عليهما السلام.
فانطلقوا إليها و هي في محرابها قد لصق بطنها بظهرها من شدّة الجوع، و غارت عيناها، فلمّا رآها رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم ضمّها إليه و قال: واغوثاه باللَّه؟ أنتم منذ ثلاث فيما أرى؟
فهبط جبرئيل فقال: يا محمّد! خذ ما هيّأ اللَّه لك في أهل بيتك.
قال: و ما آخذ يا جبرئيل؟
قال: (هَلْ أَتى عَلَى الإِنْسانِ حينٌ مِنَ الدّهْرِ) حتّى إذا بلغ (إِنَّ هذا كانَ لَكُمْ جَزاءً وَ كانَ سَعْيُكُمْ مَشْكوراً).
و قال الحسن بن مهران في حديثه: فوثب النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم حتّى دخل منزل فاطمة عليهاالسلام، فرآى ما بهم، فجمعهم ثمّ انكبّ عليهم يبكي و يقول: أنتم منذ ثلاث فيما أرى و أنا غافل عنكم؟
فهبط عليه جبرئيل بهذه الآيات: (إِنَّ الأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً- عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللَّه يُفَجِّرونَها تَفْجيراً).
قال: هي عين في دار النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم يفجر إلى دور الأنبياء والمؤمنين (يُوفُونَ بِالنَذْرِ) يعني عليّاً و فاطمة والحسن والحسين عليهم السلام و جاريتهم (وَ يَخافونَ يَوْماً كانَ شَرّهُ مُسْتَطيراً) يكون عابساً كلوحاً.
(وَ يُطْعِمونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ) يقول: على شهوتهم للطعام و إيثارهم له (مِسْكيناً) من مساكين المسلمين (وَ يَتيماً) من يتامى المسلمين (وَ أَسيراً) من أسارى المشركين، و يقولون إذا أطعموهم: (إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُريدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَ لا شُكوراً).
قال: واللَّه؛ ما قالوا هذا لهم، ولكنّهم أضمروه في أنفسهم، فأخبر اللَّه بإضمارهم، يقولون: لا نريد جزاء به و لا شكوراً، تثنون علينا به، ولكن إنّما أطعمناكم لوجه اللَّه و طلب ثوابه. : 457