بيان الشيخ عبد العظيم سرحان القنبري الفاطمي بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك
بيان الشيخ عبد العظيم سرحان القنبري الفاطمي بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك
(شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان)
في الحديث عن الإمام علي ((عليه السلام)) قال : إن رسول الله ((صلى الله عليه وآله)) خطبنا ذات يوم فقال : ((أيها الناس، إنه قد أقبل إليكم شهر الله بالبركة والرحمة والمغفرة، شهر هو عند الله أفضل الشهور، وأيامه أفضل الأيام، ولياليه أفضل الليالي، وساعاته أفضل الساعات، هو شهر دعيتم فيه إلى ضيافة الله، ودعاؤكم فيه مستجاب، فاسألوا الله ربكم بنيات صادقة وقلوب طاهرة أن يوفقكم لصيامه وتلاوة كتابه، فإن الشقي من حرم غفران الله في هذا الشهر العظيم، واذكروا بجوعكم وعطشكم فيه جوع يوم القيامة وعطشه، وتصدقوا على فقرائكم ومساكينكم، ووقروا كباركم، وارحموا صغاركم، وصلوا أرحامكم، واحفظوا السنتكم، وغضوا عما لا يحل النظر إليه أبصاركم، وعما لا يحل الاستماع إليه أسماعكم، وتحننوا على أيتام الناس يتحنن على أيتامكم وتوبوا إلى الله من ذنوبكم، وارفعوا ايديكم بالدعاء في أوقات صلاتكم فإنها أفضل الساعات، ينظر الله عزوجل فيها بالرحمة إلى عباده يجيبهم إذا ناجوه، ويلبيهم إذا نادوه، ويعطيهم إذا سألوه ويستجيب لهم إذا دعوه)).
في استقبال هذا الشهر الفضيل الذي خصه الله تعالى بأن أنزل فيه أعظم كتاب في تاريخ السماء لاسعاد البشريّة الى الأبد.
وخصه الرسول الاكرم (صلى الله عليه وآله) بأن وصفه بقوله: (وجعلتم فيه من اهل كرامة الله) «وسائل الشيعة/كتاب الصيام/ابواب احكام شهر رمضان/ الباب 18/الحديث20»
ينبغى لعامة المؤمنين والمؤمنات في كل مكان من أرجاء الأرض ان يهيئوا أنفسهم للاستفادة الكاملة من هذه الضيافة الربانية العظيمة والشاملة، فيهتموا ـــ فيما يهتمون ـــ :
1 ـ الجانب الروحي والمعنوي من خلال قراءة القرآن الكريم والتدبر في آياته ففي الحديث عن الإمام الباقر((عليه السلام)) قال : ( لكل شيء ربيع وربيع القرآن شهر رمضان). وكذلك الأدعية والصلوات المستحبة والانابة لله تعالى، ففي الحديث عن الامام الصادق((عليه السلام)) قال : قال امير المؤمنين((عليه السلام)) : (عليكم في شهر رمضان بكثرة الدعاء والاستغفار، فأما الدعاء فيُدفع به عنكم البلاء، وأمّا الاستغفار فتمحى به ذنوبكم).
2 ـ الجانب السلوكي والاجتماعي، سواء من خلال الورع عن محارم الله ففي الحديث عن الرسول((صلى الله عليه وآله)) : (أفضل الأعمال في هذا الشهر الورع عن محارم الله) أما من خلال التعامل بالحسنى والتواصل وتصفية الأجواء ضمن البنية الايمانية، داخل الأسرة، وخارجها في التعامل مع اخوة الايمان ففي الحديث عن الرسول((صلى الله عليه وآله)) ومن حسّن فيه خلقه غفر الله له). ونهيب بالعلماء الأفاضل والوجهاء استثمار الشهر المبارك للقيام بالمساعي الخيرة لجمع شمل المؤمنين ورص صفوفهم وتقوية أواصرهم الايمانية.
3 ـ البعد العاطفي، من خلال مواساة الفقراء والمعوزين ودعمهم وإدخال السرور عليهم. وهناك الكثير من المؤمنين في بقاع المعمورة يواجهون ظروفاً اقتصادية عصيبة يستدعي حقهم الإيماني دعمهم ورعايتهم بما يتيسر لكل مسلم، خصوصاً في هذا الشهر المبارك.
4 ـ البعد الثقافي، بالتزود بمختلف جوانب الثقافة الإسلامية، كالعقائد والفقه والتفسير والسيرة وغيرها، وحبذا لو يتم استثمار هذا الشهر المبارك بفتح دورات تثقيفية قصيرة خلاله.
5 ـ نود التنويه، بالاهتمام بموضوع حج بيت الله الحرام وتعبئة المؤمنين تجاهها اقتداءً بتركيز الأدعية الرمضانية على ذلك، وتبرز اهمية الحج بشكل خاص.
6- التأكيد على ضرورة حفظ الشهر المبارك وأداء هذه العبادة المقدسة خاصة بالنسبة للشباب واليافعين، وتجنب التهاون في ذلك خصوصاً التجاهر بالافطار لما فيه من انتهاك حرمة الشهر المبارك. وفي حديث عن الأمام الصادق(عليه السلام) انه قال: من أفطر يوماً من شهر رمضان خرج روح الايمان منه.
ونودّ التأكيد للأخوة الكرام على أهمية مراجعة النصوص الواردة في فضل هذا الشهر وأعماله - لما لذلك من دور فاعل محفّز على أداء حقه - ونؤكد بالخصوص على الرجوع للخطبة المروية عن الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) في فضل شهر رمضان وصيامه، والتمعُّن في فقراتها، سائلين الباري سبحانه أن يوفق الجميع لمرضاته. إنه سميع مجيب