أصحاب الإمام الحجة عليه السلام
وردت روايات مختلفة وبعبارات شتى في شأن القضايا التي تتعلق بالاِمام المهدي عليه السلام، والتحاق 313 نفر من أصحابه إليه عند ظهوره من مكة المكرمة، إمام العصر عليه السلام أيضاً في انتظار تكامل عدّتهم، وهؤلاء الاَصحاب هم السابقون الاَولون لبيعة الامام (عج)، وبحضورهم يعلن الاِمام عليه السلام عن الخروج، ويبدأ الخروج بشكل مراحل، فهؤلاء الاَصحاب هم حملة ألوية الاِمام (عج)، وولاته على الكرة الاَرضية بأسرها.
ورد هذا الحديث بعبارات مختلفة، بل لا ينحصر بحديث واحد، هناك عدّة أحاديث واردة في هذا الشأن، تحكي عن (313) نفر من أصحاب الاِمام (عج)، بل يُدعى التواتر المعنوي لهذا الحديث، وبعبارة أخرى، إن أصل المعنى في شأن اصحاب الاِمام (عج) إلى حدٍ يوجب العلم والقطع به، لاِنه لايمكن تواطؤ هذا العدد الهائل من الرواة على الكذب فيه.
ورد في تفسير الآية 80 من سورة هود عليه السلام قال لوط لقومه المعاندين: (لو أنّ لي بكم قوّة أو آوي إلى ركن شديد) ، عن صالح بن سعيد عن أبي عبدالله الصادق عليه السلام في قوله تعالى: (لو أنَّ لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد) قال عليه السلام: القوة القائم (عج)، والركن الشديد ثلاثمائة وثلاثة عشر أصحابه»(1) .
وفي رواية عن الاِمام الباقر عليه السلام قال: «لكأني أنظر إليهم مصعّدين من نجف الكوفة ثلاث مأة وبضعة عشر رجلاً كأنّ قلوبهم زبر الحديد...»(2) .
تذكر لنا الروايات إن لهؤلاء الاَصحاب مميزات، فمع التأمل في هذه المميزات يتضح لنا أنّ البشرية في عصر الغيبة تفتقد لمثل هؤلاء الاَفراد.
على سبيل المثال:نقرأ في رواية عن الاِمام السجاد عليه السلام، يذكر القائم في خبر طويل إلى أن يقول: «ثمّ يخرج إلى مكة والناس يجتمعون بها، فيقوم رجل منه فينادي: أيها الناس هذا طلبتكم قد جاءكم، يدعوكم إلى ما دعاكم إليه رسول الله صلى الله عليه وآله، قال: فيقومون، ثم يقوم هو بنفسه، فيقول (عج): أيها الناس أنا فلان بن فلان أنا ابن نبيّ الله، أدعوكم إلى ما دعاكم إليه نبيّ الله صلى الله عليه وآله.
فيقومون إليه ليقتلوه، فيقوم ثلاثمائة أو ينيف ثلاثمأة فيمنعونه منه خمسون من أهل الكوفة، وسائرهم من أفناء الناس لا يعرف بعضهم بعضاً، اجتمعوا على غير ميعاد»(3) .
ووردت روايات عديدة في أوصافهم منها: «يجمعهم الله بمكة قزعاً كقزع الخريف»(4) .
بمعنى: أنهم يحضرون عند القائم (عج) في مكة كالبرق الخاطف، وقال الاِمام الصادق عليه السلام: «وكأنّي أنظر إلى القائم على منبر الكوفة، وحوله أصحابه ثلاثمائة وثلاث عشر رجلاً عدّة أهل بدر، وهم أصحاب الأولوية، وهم حكام الله في أرضه على خلقه»(5) .
نفهم من هذا الحديث، يجب أن يكون أصحاب الاِمام القائم (عج) على مستوى عالٍ من العلم والكمال والشجاعة وسائر القيم والفضائل والصفات الاِسلامية الحميدة، مثلاً لو قسمنا الكرة الاَرضية إلى 313 ولاية، فيكون كل واحد منهم لائقاً وكفوءً وقائداً لرفع راية هذه الولاية، وهل تملك اليوم الكرة الاَرضيةهذا العدد من القوّاد، وبهذه الخصوصيات والمميزات حتى يستطيع كل واحدٍ منهم أن يتولى ولاية في حكومة الاِمام المهدي (عج).
نقرأ في الآية 148 من سورة البقرة: (أين ما تكونوا يأت بكم الله جميعاً) ورد عن الاِمام الصادق عليه السلام أنّه قال بعد ذكر الآية الشريفة: «يعني اصحاب القائم الثلاثمائة والبضعة عشر رجلاً، وهم والله الاَمة المعدودة، يجتمعون والله في ساعة واحدة قزعاً كقزع الخريف»(6) .
ومن مميزاتهم: أنهم يأتون من البلاد النائية إلى مكة، كما جاء في الحديث عن أميرالمؤمنين عليه السلام في حديث طويل إلى أن قال: «فيجمع الله تعالى عسكره في ليلة واحدة وهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً من أقاص الاَرض»(7) .
وينتظرهم الاِمام المهدي (عج) في «ذي طوى»( يبعد عن مكة فرسخاً واحداً، حتى يلتحقون به في جانب الكعبة، فقد ورد عن الاِمام الصادق عليه السلام قال: «إن القائم يهبط من ثنية ذي طوى في عدة أهل بدر ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، حتى يسند ظهره إلى الحجر ويهز الراية الغالبة»(9) .
وهؤلاء الاَصحاب أول من يبايعه (عج)، عن الاِمام الصادق عليه السلام قال:
«فيكون أول من يبايعه جبرئيل، ثم الثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً»(10) .
فترعاهم الاِمدادات الغيبية العظيمة، ويد الله وعنايته فوق رأس الاِمام المهدي (عج) وأصحابه كما ورد حديث في هذا الشأن عن الاِمام السجاد عليه السلام، عن أبي خالد الكابلي قال: قال لي علي بن الحسين عليه السلام: «يا أبا خالد لتأتين فتن اليَّ...» إلى أن قال: «كأني بصاحبكم قد علا فوق نجفكم بظهر كوفان في ثلاثمائة وبضعه عشر رجلاً، جبرئيل عن يمينه، وميكائيل عن شماله، وإسرافيل أمامه، معه راية رسول الله صلى الله عليه وآله قد نشرها لا يهوي بها إلى قوم إلا أهلكهم الله»(11) .
سؤال
لماذا تنطق الاَحاديث عن الرجال فقط في ركب الاِمام المهدي (عج) دون النساء؟
الجواب
علة ذكر الرجال دون النساء يرجع إلى بداية ظهور الاِمام المهدي (عج) وهي مرحلة عصيبة فيها الجهاد والحرب والدفاع عن الاِسلام، فتقتضي حضور الرجال في هذه الميادين، وللنساء دور خلف ميادين الجهاد والدفاع عن الاِمام المهدي عليه السلام.
وأشارت بعض الروايات الواردة في موضوع 313 رجلاً من خواص الاِمام عليه السلام إلى دور النساء وحضورهنّ أيضاً، منها:
عن الاِمام الباقر عليه السلام: «ويجيء والله ثلاث مائة وبضعة عشر رجلاً فيهم خمسون امرأة، يجتمعون بمكة على غير ميعاد قزعاً كقزع الخريف»(12) .
وعن المفضل، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: «يكن مع القائم عليه السلام ثلاث عشرة امرأة» قلت: وما يصنع بهن؟ قال عليه السلام: «يداوين الجرحى، ويقمن على المرضى كما كان مع رسول الله صلى الله عليه وآله»(13) .
هؤلاء الركب الاَُول الذين يلتحقون بالاِمام (عج) عند ظهوره، ثم مع مرور الزمن يتكاثر المؤمنون حوله ويزدادون عدداً وقوة، وبعبارة أخرى: يعتبر هؤلاء خواص الاِمام عليه السلام، ويشكلون النواة المركزية لمقر حكومته العالمية كما ورد في الرواية.
جاء في فصل الخطاب عن الشيخ محي الدين بن العربي في ذكر المهدي عليه السلام قال: «يكون معه ثلاثمائة وستون رجلاً من رجال الله الكاملين يبايعونه بين الركن والمقام... وله رجال يقيمون دعوته وينصرونه، هم الوزراء يحملون أثقال المملكة»(14) .
وأيضاً قال: «يفتحون مدينة الروم بالتكبير، فيكبرون التكبيرة الاَولى فيسقط ثلثها، ويكبرون التكبيرة الثانية فيسقط الثلث الثاني من السور، ويكبرون التكبيرة الثالثة فيسقط الثالث فيفتحونها من غير سيف»(15) .
وفي رواية اُخرى: عن الاِمام الباقر عليه السلام قال: «إذا ظهر القائم ودخل الكوفة بعث الله تعالى من ظهر الكوفة سبعين ألف صدّيق، فيكونون من أصحابه وأنصاره ويردّ السواد إلى أهله، وهم أهله»(16) .المصادر
(1) تفسير القمّي: ج 1 ص 336، تفسير البرهان: ج3 ص127 ح 5154، اثبات الهداة: ج3 ص551 ح 564، كمال الدين وتمام النعمة للصدوق: ج 2 ص 673 ح 26.
(2) بحار الاَنوار: ج52 ص343 ح 91.
(3) بحار الاَنوار: ج52 ص306ح 79.
(4) بحار الاَنوار: ج 52 ص 239 ح 105 وج 51 ص 55 ح 42.
(5) بحار الاَنوار: ج52 ص326 ح 42.
(6) إثبات الهداة: ج3 ص451 ح 62 ب 32، بحار الاَنوار: ج 52 ص 368.
(7) إثبات الهداة: ج3 ص587 ح 804، بحار الاَنوار: ج 51 ص 157 ح4.
(
ذُو طُوىً: وادٍ بمكة المكرمة، ويروى أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لمّا انتهى إلى ذي طوىً عام الفتح، وقف على راحلته مُعتجراً بشقة بُرد حبرة حمراء، وإنّه ليضع رأسه تواضعاً لله، حين رأى ما أكرمه الله به من الفتح، حتى إنّ عُثنونَه ليكاد يَمسُّ واسطة الرحل. معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع للاندلسي: ج 3 ص 896.
(9) إثبات الهداة: ج3 ص 547 ح 541، بحار الاَنوار: ج 52 ص 370 ح 158.
(10) بحار الاَنوار: ج52 ص315ح 10.
(11) إثبات الهداة: ج3 ص556 ح 602، بحار الاَنوار: ج 51 ص 135 ح 3.
(12) بحار الاَنوار: ج52 ص223 ح87.
(13) إثبات الهداة: ج3 ص575 ح 725 (ب 32 فصل 38).
(14) المجالس السنية للاَمين: ج5 ص711.
(15)المجالس السنية للاَمين: ج5 ص724.
(16) بحار الاَنوار: ج52 ص390 ح 212.